الخميس

إرهابي

في أركاناٍ أربع
ونافذتين متوازيتين
وباب مشرع بلا أقفال 
في الركن الأيمن سرير
إحدى أرجله معطوبة 
يحدث صريراً
يتحدث أكثر مما يتحدث صاحبه 
تستلقى عليه بضع كتب ونشرات رخيصة الورق
في الجهة اليسرى منه ثمة شماعة
اشدُ عطباً من السرير
عليها بدلة عسكرية لا تحمل أي اشارات
مهترية الاكمام 
ملطخ ببعض الحبر 
يتدلي من جيب الاسفل ميدالية لسيارة شورفليه
وعلي الأرض يتمدد جسد ناحل 
ذا بشرة حنطية مغطاة بالندوب 
يرتع و يتصبب عرقاً
ضاماً إلي صدره كتاب بعنوان
فلسفة وعقيدة 
عيناه جاحظتان معلقتان في السقف 
تسقطان تدريجياً حتي تستقرا علي صورة في منتصف الجدار 
رجل اسمر 
كث الحية
يغزو شعره البياض المشوب بالرماد 
تفاصيل وجهه قاسية 
حاجبيه غليظان معقودين
وعيناه اكثر جحوظاً
التجاعيد لم تقتس إلا من جبته وأسفل عيناه 
صوت التلفاز يصدح في الغرفة 
نشرة أخبار التاسعة 
يتحدث المذيع بوجهً ساكن خالياً من التعبيرات
لم يبتسم هذه المرة
صوت جهوري غليظ 
واصلت المحكمة الجزائية المتخصصة أمس النطق بالحكم على المجموعة الثانية من أعضاء خلية الاربع والتسعون الإرهابية والتي تعد أكبر خلية مرت على المحكمة منذ تأسيسها، وحكمت على ثلاثة تكفيريين بالقتل تعزيراً والسجن لعشرين آخرين بين خمس سنوات واثنين وعشرين عاماً ومنعهم من السفر خارج البلاد إثر إدانتهم بالانضمام لخلية إرهابية
الجسد الملقى علي الارض ينتفض 
ويحمر وجهه
يستشيظ غضباً 
يرمي بالكتاب صوب الصورة 
لكنه لم يصبها
نوبة بكاء هسترية 
الطوفان الذي قلب حياته لم يكن هيناً
والترسبات العميقة في ذاته صنع منها الشر تمثالا لمعتقدات مكتسبة لا يرضاها دين ولا عقل 
فأصبح في دوامة صراعات
إما يسير مع الطوفان اوينقذ ماتبقي من انسانيته

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

            الربيع الإلكتروني في منتصف ثورة ٢٥يناير قررت أن أهجر الأخبار السياسية المرئية والمسموعة وكأنني بذلك أزيح عن رأسي ثقل...